حصلت «السبيل» على معلومات مهمة حول تفاصيل جريمة اغتيال القائد العسكري لحزب الله، عماد مغنية، في العاصمة السورية منتصف شهر شباط الماضي.
مغنية كان في زيارة لدمشق يوم اغتياله الذي تم في منطقة كفر سوسة أحد الأحياء الراقية في دمشق. وبحسب مصادر «السبيل» فإن مغنية التقى قبل اغتياله بساعات برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ثم التقى بالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح الذي كان آخر شخصية سياسية يلتقيها قبل اغتياله.
وبعد لقائه بشلح اتجه مغنية إلى شقة في كفر سوسة، حيث التقى ببعض كوادر حزب الله، حيث استأذنهم بعد ذلك في مغادرة الاجتماع لمدة نصف ساعة على أن يعود إليهم مجددا. وكان مغنية وضع سيارته الخاصة التي يتنقل بها بجوار باب البناية الرئيس، وعند خروجه من البناية وتوجهه نحو سيارته حدث انفجار ضخم أدى إلى وفاته على الفور.
الانفجار لم يحصل في سيارة مغنية، وإنما في سيارة مستأجرة كانت متوقفة بجوارها. وتبين لاحقا من التحقيقات أن عبوة متفجرة وضعت في الباب الأيسر للسيارة المستأجرة، وحين اقترب منها انفجرت بقوة كبيرة. وأظهرت التحقيقات أن عملية التفجير تمت عن طريق جهاز تحكم عن بعد استخدمه أشخاص كانوا يراقبون المبنى.
تشير التحقيقات كذلك إلى أن السيارة المستأجرة كانت موضوعة أمام المبنى منذ عدة أيام وأن المبنى كان مراقبا. ما يعني أن المنفذين كان بإمكانهم تنفيذ عملية الاغتيال في وقت سابق عند دخول مغنية إلى المبنى، لكن يبدو أن التعليمات لديهم كانت تقضي بأن يتم اغتياله بصورة منفردة.
بعد حصول الانفجار، وصلت الأجهزة الأمنية السورية مباشرة إلى الموقع وتعرفت على هوية مغنية وتم التواصل مع قيادة حزب الله التي طلبت إحضار جثمانه على الفور إلى بيروت.
التحقيقات في عملية الاغتيال دلت على أن السيارة التي استخدمت في التفجير تم استئجارها من قبل شخص يحمل جواز سفر عراقي قام باستئجار سيارتين استخدمت إحداهما في عملية الاغتيال في حين استخدمت الثانية للفرار من موقع العملية، وعثرت عليها الأجهزة الأمنية في وقت لاحق.
من اغتال مغنية؟
مصادر مطلعة تؤكد أن الإسرائيليين وقفوا وراء جريمة الاغتيال، والطريقة التي اتبعت في تصفية المسؤول العسكري لحزب الله، سبق لجهاز الموساد الإسرائيلي أن استخدمها في اغتيال قيادات وكوادر فلسطينية ولبنانية خلال السنوات الماضية في لبنان. وبحسب المصادر فإن مسؤولية الإسرائيليين عن اغتيال مغنية تعدّ أمرا محسوما لدى حزب الله ولدى المسؤولين السوريين.
ولكن كيف تمكن المنفذون من الوصول إلى مغنية بعد ربع قرن من المطاردة؟
تقول المصادر إن مغنية كان يعتمد في تخفيه وتنقلاته على عدم معرفة أحد بهويته الحقيقية باستثناء عدد محدود من الأشخاص، في حين كان معروفا لدى أوساط حزب الله والأوساط الفلسطينية باسم الحاج رضوان. وبالتالي فإن النظرية الأمنية التي اعتمدها مغنية هي التنقل بشكل اعتيادي غير لافت للنظر دون حراسات أو مواكب أمنية، وقد نجحت هذه النظرية في إبقاء مغنية بعيدا عن أيدي مطارديه لربع قرن من الزمن.
وترجح المصادر أن تكون هوية مغنية انكشفت لمطارديه في الفترة التي سبقت اغتياله، الأمر الذي ساعد الإسرائيليين على تحديد هويته وملاحقته ومن ثم تصفيته. ولأن اغتياله لم يكن متيسرا في لبنان نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة، كانت سوريا المكان الأنسب لتنفيذ العملية نظرا للاستراتيجية الأمنية التي اعتمدها مغنية خارج لبنان.
رد حزب الله:
فور اغتيال مغنية، شكل حزب الله لجنة من خيرة كوادره الأمنية للتحقيق في الجريمة من أجل التوصل إلى خيوط تكشف عن هوية المنفذين وعن كيفية وصولهم إليه، لكن المصادر تستبعد أن تتوصل التحقيقات إلى معلومات نهائية ومؤكدة رغم التعاون الكبير من قبل أجهزة الأمن السورية.
ويعتقد مراقبون أن الخطاب الذي ألقاه أمين عام حزب الله حسن نصر الله أثناء موكب تشييع مغنية في 14 شباط الماضي كان متعجلا بعض الشيء. فقد أعلن في خطابه عن ردّ سريع على الجريمة، ما أوحى بأن الرد سيأتي خلال أيام أو أسابيع على أبعد حدّ، وهو ما تم العدول عنه بعد ذلك بشكل غير مباشر في ذكرى الأربعين لاغتيال مغنية، حيث قال نصر الله إن الحزب سيختار الزمان والمكان المناسبين للرد.
مصادر قريبة من الحزب تؤكد أنه عازم على الردّ وبقوة على جريمة الاغتيال، وأن الترتيبات لتنفيذ ذلك تجري على قدم وساق ولكن المسألة قد تأخذ بعض الوقت، حيث إن ردا قويا ومنظما ومؤثرا سيحتاج إلى وقت كاف للإعداد، لكن المصادر تؤكد أن الردّ آت وأن الحزب لا يمكنه تجاهل الجريمة، نظرا لأهمية الموقع الذي شغله مغنية في قيادة العمل العسكري في الحزب، وحرصا على مصداقية الحزب وصورته أمام كوادره وأمام الآخرين